jeudi 9 février 2012

هل فعلا مهنة المفوضين القضائيين جسم غريب عن القضاء ؟


محمد فنكوشالمساء : 30 - 09 - 2009
إن أول ملاحظة أستطيع أن أبديها في هذا الشأن هي أن الحديث على هذه المهنة منذ نشأتها إلى حد الآن غالبا ما
يتم بنوع من الحيف والتمييز المهنيين
وأنا أتصفح جريدة «المساء» الغراء في عددها 916 الاثنين 31/08/2009 في صفحتها السابعة، صادفت مقالا تحت عنوان: «طالبوا بإعادة النظر في القوانين المنظمة لمهنهم: أصحاب المهن القضائية الأخرى يدعون إلى أن يشملهم الإصلاح»، وأجد نفسي تبعا لذلك مجبرا أدبيا على التعليق على هذا المقال في الجانب الذي تناول مهنة المفوضين القضائيين المنظمة بالقانون رقم 03/81 وذلك من أجل محاولة تبديد الغموض الذي شاب الفهم الصحيح لهذا القانون، وأبدي بعض الملاحظات لعلها تساهم في الرفع من مستوى التعامل مع نصوص قانون هذه المهنة وممارسيها.
إن أول ملاحظة أستطيع أن أبديها في هذا الشأن هي أن الحديث على هذه المهنة منذ نشأتها إلى حد الآن غالبا ما يتم بنوع من الحيف والتمييز المهنيين وكأن هذه المهنة جسم منبوذ زرع في الكيان القضائي في لحظة غفلة وتعذر الآن استئصاله، وهذا بالرغم من أن المفوض القضائي يمارس جزءا من السلطة العامة المتمثلة في تسيير جزء من مرفق العدل بالمغرب، وله صلاحيات قانونية لا يستهان بها كالسلطة القانونية لانتهاك حرمة المسكن المنصوص عليها في الدستور، والسلطة القانونية لانتهاك حرمة الشخص المنصوص عليها في الدستور كذلك، والسلطة القانونية لانتهاك حرمة الممتلكات المنصوص عليها في الدستور أيضا، والسلطة القانونية لطلب المساعدة بالقوة العمومية. بل الأكثر من هذا كله أن المفوض القضائي يحظى بأمر مباشر من الملك بالتنفيذ طبقا للمادة 433 من قانون المسطرة المدنية ويحرر محاضر رسمية لا يجوز الطعن فيها إلا بالزور وربما هذه هي المعضلة عند المناهضين لهذه المهنة.
إن قانون 03/81 يفرض بالفعل على المتقاضين أو نوابهم اللجوء إلى خدمات المفوضين القضائيين في جميع الاختصاصات المخولة لهم بمقتضى القانون المنظم للمهنة في المادة 15 التي استثنت اختصاص إفراغ المحلات والبيوعات العقارية وبيع السفن والطائرات والأصول التجارية والتي هي متروكة بدون شك لمؤسسة كتابة الضبط.
فالتعديل موجود إذن، بحكم أن قانون 80/41 الذي نسخه قانون 03/81 الحالي في المادة 22 منه والذي كان يترك الاختيار بين اللجوء إلى المفوض القضائي أو كتابة الضبط حيث كان هذا الفصل يقول: «خلافا لمقتضيات الفصل 2 من هذا القانون وإلى أجل تحدده الإدارة تبقى إلى جانب الأعوان القضائيين طرق الاستدعاء والتبليغ والتنفيذ المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية سارية المفعول».
ولكن بوجود المادة 15 من قانون 03/81، وبإلغاء المادة 22 من قانون 80/41 وضعت الإدارة حدا لهذا الاختيار، وأصبح لكل جهاز اختصاصاته، ومن الحيف والخرق السافر للقانون تطاول جهاز على اختصاصات جهاز آخر.
فالمادة 15 من قانون 03/81 واضحة ولا غموض فيها، اللهم إذا أريد بالحق باطل، وهذا ما يزكيه إلزام بعض صناديق محاكم المملكة- وكنا نأمل أن تعمم هذه الإلزامية على صعيد جميع محاكم المغرب تطبيقا للقانون وليس مجاملة لمؤسسة المفوض القضائي، كما ورد في المقال- اختيار أحد المفوضين القضائيين لإنجاز الإجراءات في الاختصاصات التي يحتكرونها بقوة القانون، وأداء مبلغ ثابت له كتسبيق أجرة منصوص عليه كذلك في الفقرة الثالثة من المادة ال28 من قانون 03/81 التي بدورها لا غموض فيها وتعد من صميم القانون، وإلا كان من الممكن أن نتحدث مثلا عن الخرق السافر للقانون في تسبيق أتعاب المحامين المنصوص عليه في المادة ال44 من قانون رقم 08/29 المنظم لمهنة المحاماة وتسبيق أتعاب الخبراء والعدول والتراجمة...إلخ.
وهذا لا يستقيم بطبيعة الحال، لأنه ليس من الإنصاف العمل بدون تسبيق أجرة أو أتعاب في المهن القانونية الحرة.
إن تسبيق مثل هذا الرسم للمفوض القضائي لا يتعارض أبدا مع القاعدة العامة المنصوص عليها في الفصل 124 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أن الدائن يتحمل أداء هذا الرسم مؤقتا في انتظار استخلاصه عند التنفيذ ضد المحكوم عليه، كما سبق أن أشار إلى ذلك كتاب السيد وزير العدل المؤرخ في 16/02/1994. وهو لا يؤثر سلبا على حقوق المتقاضين كما تفضل صاحب المقال، ولا أعتقد أنه يزعج السادة المحامين الذين نعتبرهم، وبحق، الساهرين بمقتضى مهنتهم على التطبيق السليم للقوانين إلى جانب السادة القضاة بهدف إعطاء الحقوق إلى ذويه. يتولى المفوض القضائي بعد ذلك إيصالها إليهم في مجال اختصاصه بسرعة ودقة وكفاءة مهنية عالية دون أن يشكل أي معوق للجهاز القضائي خاصة إذا علمنا أنه لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له.
ويكفي من يهمه أمر هذه المهنة قراءة مواد هذا القانون بحياد والاطلاع على إحصائيات المحاكم ووزارة العدل نفسها ليتأكد من نجاعة مؤسسة المفوض القضائي ومستوى إنتاجها في ميدان التبليغ والتنفيذ ويعلم، بما لا يدع مجالا للشك، أن هذه المؤسسة لم يحدثها المشرع المغربي أسوة بمشرعي باقي العالم عبثا.
نعتقد بعد كل الذي سبق أنه ليس هناك أي غموض في القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين ولا يقول أي مفوض قضائي بهذا، كما ورد في المقال.
إن قانون 03/81 لم يرق فعلا إلى مستوى طموحات السادة المفوضين القضائيين الذين مازالوا يعانون من الاضطهاد منذ حوالي 19 سنة، ولكن لا بد أن نشير إلى أنه قانون مهم كبداية ويحتاج حاليا فقط إلى الشجاعة في التطبيق ومستقبلا إلى بعض التنقيح والتحيين.
ولا بد أن نقول في الأخير إن مؤسسة المفوض القضائي لا تنافس أي مؤسسة حرة أخرى كمؤسسة المحاماة، كما يعتقد البعض خطأ، ولم يكن ذلك قصد المشرع أبدا من وراء إحداثها، وإنما هي مكملة ومساعدة لها كما هي مساعدة للقضاء. والواقع العملي يفرض على ممارسي هاتين المهنتين التعايش في إطار القانون بسلام لما لهما من دور مهم وحاسم في بناء دولة الحق والقانون.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire